كان يا مكان فتاه صغيرة مشهورة بشعرها الأشقر الناعم الذي يصل لظهرها , وعيناها تشبهان اللؤلؤ في ضيائهما , ويداها ناعمتان مثل الحرير , تلك الفتاة كانت وحيدة لأهلها ,
في صغرها , كانت
مدللة امها كما يقال , كل ما تطلبه يلبى لها بسرعة , لم تسمع كلمة لا ولا مرة في حياتها , منذ الصغر كانت جميلة , بدأت تكبر هذه الفتاة وهي محافظة على سمعتها مدللة اهلها حتى وصلت للعشرين من عمرها ,
دخلت الجامعة , لم يكن يعيبها سوى الغرور الذي تمتلكه , عندما تسير تشعر بأن ملاك يسير على الأرض لروعتها وحلاوتها وكانت انظار كل الشباب والرجال مصوبةٌ إليها , ولكن غرورها لم يقل يوماً ما , وأصبحت تخرج كل يوم بزيّ جديد,
الأحمر والأصفر والقصير والضيق دون أيّ اهتمام من اهاليها .
في يومٍ من الأيّام جاء شخص خريج هندسة كان زميل لها في الجامعة قبل تخرّجه مع عائلته ليخطبها , وقام بطلبها من أباها من أجل الزواج , ولكن وحتّى دون سابق انذار , رفضت الفتاة وقالت مهندس!! لا أبداً طموحي أكبر من هذا بكثير,
لا أريد , خرج الشاب من المنزل مكسور القلب ومتفاجأ من ما حصل!, ولكن الزواج قسمة ونصيب , وبعد أيّام عندما كانت في السوق , تعرف عليها صاحب محل الألبسة وبدأ يستلطفها وبعد فترة وجيزة
لم يتمالك نفسه وقال لها : انا معجب بك فهل تقبلين بالزواج مني لأرسل أهلي؟
فردت عليه : انت ماذا تملك ؟ أجابها : أملك هذا المحل وفرعين آخرين له وسيارة حديثة ومنزل , فقالت بسخرية : طموحي أكبر من هذا بكثير وتركته دون اهتمام وبكبرياء كبير جدّاً,
وبقي الشباب يلاحقوها وكل يوم يأتي شاب لخطبتها ومن كل الأصناف, وردها لم يتغير وبقي كالتالي : طموحي أكبر بكثير , وبعد تخرجها من الجامعة بدأت تعمل ورفضت أيضاً مديرها بالعمل فطردها بسبب سخريتها وغرورها,
جلست في المنزل دون عمل ودلال أهلها لم يتوقف حتى وصلت للـخامسة والثلاثين من عمرها , بدأ القلق ينتابها فلم يعد أحد يطرق بابها سوى المطلق أو من يريد انجاب أولاد أو من يريد زوجة ثانية,
واستمرت في رفضهم بانتظار أن يعود من كان يريد الزواج منها سابقاً لتقبل بأي شخص منهم , خرجت من منزلها وذهبت لبائع الألبسة فرأته بجانب أطفاله الصغار في محله التجاري يلاعبهم لأنه قد تزوج ونسي أمرها ولم يعطي لها اهتمام أبداً , ومن ثم الى مديرها السابق في العمل لتجد أن زوجته تعمل مكان السكرتيرة أيضاًفلم تدخل ,
وزميلها في الجامعة لم تعد تراه , شعرت بأن الحياة أصبحت مملة , ولم يعد جمالها ينفعها بشيء , فهي الآن بسن كبير لا ينفع ليكون زوجة لشخص مهم , أو غني , أو حتى شخص عادي,
عادت لمنزلها والدموع لاتفارق عيونها , حاولت أمها تهدئتها ولكن محاولتها أتت سدىً , وأصبح الأب يندب نفسه لكثرة الدلال الذي أدى الى ما يحصل الآن من حال مزرية ,
تعبت نفسية الفتاة كثيراً , حتى وصلت للتفكير بالانتحار, هي متعودة على حياة الرفاهية واللعب واللهو وغير متعودة على تجاهل الناس لها وهي تسير في الشارع أو في أي مكان,
بعد شهرين : خرجت مع صديقاتها في رحلة ترفيهية قصيرة داخل المدينة علّها تخفف من حالة الكآبة التي تعيشها , دخلت للمطعم مع صديقاتها وهنا حدثت المفاجأة!!
رأت داخله زميلها أول من تقدم لخطبتها وهو يجلس كمدير لذاك المطعم , ذرفت دموعها واخفتها بسرعة , ولكنّه كان قد لمحها أيضاً فابتسم في وجهها وذهب الى طاولتها هي وصديقاتها , نظر لكف يدها وعرف أنها غير متزوجة أو مخطوبة ,
انتظرها حتى انتهت من الطعام وقبل ذهابها ناداها وسألها: كيف حالك يا زميلتي ؟ هل تزوجتي وتحقق حلمك في الزواج , بدأت تبكي من شدة ألمها وتعتذر له لأنها رفضته رغم محبتها ولكن الغرور منعها من البوح,
ذرفت دموعه هو أيضاً بعد ان اعترفت بخطأها وقال لها:
هل تعلمي أني بلغت ال 40 من عمري ولم أتزوج بعد , لم أحلم بفتاة غيرك كزوجة لي يوماً ما, حاولت مرة وخطبت ولكني تركتها خوفاً من أن أظلمها , أنت من رفضتني من 15 عام فهل تقبليني اليوم كزوجاً لك,
بعد أن تعلمتي من خطئك,
بدأت تضحك بأعلى صوت وتشكره من أعماق قلبها , طلبت منه أن يحضر والدته معه ليطلبها ,وفعلاً تم تنفيذ الأمر وذهب لمنزلهم وقام بخطبتها بشكل رسمي وبعد أسبوع واحد تزوجوا وفي ظرف 5 سنوات انجبت طفلين
وعاشت أجمل حياة زوجية عرفها العالم
. انتهى
وتعلمت الفتاة درس قاسِ بالحياة وهو :
لا تتكبر لأن الله أكبر من الجميع